هل نحن بحاجة للتأكيد على عدم استهدافنا فريضة الزكاة عند الحديث عن قانون الزكاة.. وهل نحن بحاجة للتأكيد على أن السيد المهري لا يمثل الشيعة .. بل ولا حتى أغلبيتهم؟
يبدو أن الإجابة على كلى التساؤلين هي بالإيجاب للأسف.. في وسط حالة من التشنج تسيطر على الوضع العام في المنطقة ككل.. وما يستتبعه ذلك من انعكاس على الواقع المحلي..
شخصيا، لا أنطلق في تناولي لقضايا الشأن العام من منطلقات دينية أو مذهبية، ولعل هذا يدفعني لمقاربة قضية قانون الزكاة من زاوية مختلفة، أدعي أنها تستلهم الفكر المدني بانعكاساته على العمل التشريعي في دولة الكويت، ولا يهمني في هذا الخصوص الآثار المترتبة لقانون الزكاة على أتباع الطائفة الشيعية بالتحديد، بل على الكويت الوطن، وخيارات المستقبل.
بغض النظر عن نوعية مشاريع القوانين التي تعرض على مجلس الأمة، فمجرد طرح أي مشروع قانون يعني أن المسألة تخضع لقواعد اللعبة السياسية، من نقاش ومجاميع ضغط وعملية تصويت، وهذا يعني من حيث المبدأ إمكانية الموافقة والرفض للمشروع موضوع البحث، الأمر الذي يترتب عليه إمكانية العمل على تغيير هذا القانون نفسه وبالوسائل الديمقراطية نفسها من قبل من يختلف معه، مما يؤسس لحقيقة أن لا قدسية لقانون معين أيا كان، نظرا لإمكانية بحثه وتداوله والتصويت عليه، وحتى تعديله وإلغائه، من قبل أعضاء السلطة التشريعية، بشرط الاستظلال بمظلة الدستور،والذي يشكل المرجعية التي تحدد السقف التشريعي لمشاريع القوانين المتنوعة.
أسجل هنا ملاحظتين مبدئيتين، أولاهما أنني هنا لا أتحدث عن المرجعيات الفكرية الدافعة للتحرك باتجاه إقرار هذا القانون أو ذاك، والتي قد تكون دينية او غيرها، والثانية أن تحقق الممارسة التشريعية لا يعني بالضرورة أن مخرجات هذه الممارسة تدفع في الاتجاه الحداثي والمدني، فكم من قوانين سنت للتضييق على الحريات العامة وحرية النشر والبحث العلمي وغيرها.
هذه المقدمة الطويلة أراها ضرورية لإرجاع أتباع التيار الديني إلى رشدهم في ما يتعلق بأطروحات أنصار التيار الليبرالي الخاصة بضرورة إلغاء أو تعديل قانون الزكاة، فالبروباجاندا الدينية تروج لمحظورية المساس بالقانون المذكور، باعتباره يتعلق بفرض إسلامي لا يتبدل بتغير الظرف والمكان، متناسين حقيقة أن المسألة لا تتعلق بأصل الفرض بل في تفاصيل تحصيله، والزج بالدولة كطرف يمارس رقابة دينية ممأسسة للالتزام العقائدي، هذا إن تغاضينا عن أن النسبة المحصلة في القانون المذكور (1%) لا علاقة لها بالنص الشرعي والمقدار المتفق عليه للزكاة!
إن مجرد إقرار مشروع الزكاة بقانون يعني بوضوح أن احتمال تغييره وإلغائه بقانون أيضا هو أمر مباح دستوريا، وممكن نظريا، وقابل للتحقيق عمليا، تبعا لتغير الظروف والقناعات، وإلا فإن إقرار قانون تسبغ عليه سبغة القداسة، وإسقاط من يحاول المساس به أخلاقيا هو أمر يتنافى مع القواعد الدستورية وأبسط أصول العملية الديمقراطية، وبذا يكون التساؤل المشروع هو لماذا تم طرح الموضوع للتصويت من الأساس إذا كانت الموافقة عليه واجبا دينيا، وحتما عينيا؟!
بلغة بسيطة ومفهومة، فإنني أرفض فرض الزكاة على المواطنين بقوة القانون، تماما بنفس المنطلقات التي أرفض انطلاقا منها فرض الخمس على المواطنين في جمهورية ايران الاسلامية، وفرض النقاب على النساء في دولة طالبان الاسلامية، فالتدخل في أبسط حقوق الفرد والمتعلقة باختيار طبيعة وحدود الممارسة الروحية الخاصة به يترتب عليه آثار وخيمة ليس أهونها تحول الطقوس الدينية الخاصة بتنمية الجانب الروحي للانسان إلى واجب يؤديه المواطن تلقائيا للحظوة بلقب المواطن الصالح من قبل المؤسسات الرسمية.
أما الصراع بين السيد المهري وخصومه من السادة أعضاء مجلس الأمة فلا يعنينا في شيء..تماما كما قد لا تعني منطلقاتنا شيئا لكلى الطرفين!
Saturday, September 1, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
2 comments:
د سليمان
You could add your blog to the Kuwait Blogs aggregater, It's similar to an RSS feed, where people would be able to track your new valuable posts.
Please follow this link:
http://www.kuwaitblogs.com/addblog.html
وأهلا بك مرة أخرى بعالم المدونات .. بعد غيبة شبه طويلة
:)
تحياتي
عزيزتي لمياء
أشكرك
برجاء التواصل مع شخصكم الكريم
سليمان
Post a Comment