Monday, January 23, 2012

الدولة الفاشلة!

الدولة الفاشلة!

مصطلح الدولة الفاشلة هو مصطلح برز تداوله كثيرا في الأدبيات السياسية مؤخرا، وهو مصطلح مثير للاهتمام في تعريفاته وتطبيقاته على الأنظمة السياسية المختلفة، ويشير في مجمله للحكومات المركزية الضعيفة غير القادرة على فرض سلطاتها على مجمل أراضيها أو احتكار قوة تطبيق النظام والأمن داخل حدودها، كما يشير أيضا للاستخدام الملتو للسلطة بما يخدم تكريس نزعات شمولية غير ديمقراطية، ويشمل التعريف أيضا تلك الدول غير القادرة على البناء السليم لمؤسساتها الخدمية بما يكفل توفير الاحتياجات الأساسية العامة، كالصحة والتعليم، بما يتوافق وإمكانياتها من جهة، والمعايير الدولية لتقديم تلك الخدمات من جهة أخرى.

هل يذكركم هذ التعريف ببلد قريب منكم جدا؟ الكويت مثلا؟

حسنا، ربما لا ينطبق التعريف بكل تجلياته على واقع الدولة في الكويت، لكن حقيقة ضياع هيبة القانون وضعف الثقة في المؤسسات الحكومية عامة، والخدمية منها خاصة، وكثير من الممارسات الطارئة على المجتمع والمتمثل بعضها بمحاولات الـتأثير في جهات التعامل مع القانون والمؤسسات القضائية، قد يشير إلى قرب إعلان الكويت دولة فاشلة وفقا لكثير من المعايير الدولية.

المحير في الأمر هو أن فشل الدولة في الكويت يتم في ظل وفرة هائلة من الموارد المالية والعقول المدربة المؤهلة على أعلى المستويات، مما يجعل وضع الكويت استثنائيا في مصاف الدول المعرضة للفشل، فتلك الأخيرة غالبا ما تجنح للفشل بسبب ضعف الموارد وتواضع الامكانيات، بينما يختلف الوضع كثيرا في الكويت، مما يشير لأسباب أخرى للفشل تحتاج لتسليط الضوء عليها.

أحد أهم تلك الأسباب هو فقدان الرؤية وعدم وضوحها لدى السلطة السياسية فيما يخص مفهوم الدولة وبناءها المؤسساتي، هذا إن افترضنا وجود الكفاءات القادرة على التغيير من داخل بيت الحكم والتي نسمع عنها ولا نراها، إما بسبب ندرتها أو بسبب التركيز على عامل السن في تبوؤ المراكز العليا في السلطة، وهو عامل أثبت التجارب عدم فاعليته على أقل تقدير.

إن فقدان الرؤية يكشف عن خلل فادح في الروح القيادية للسلطة، ولهذا انعكاساته على الخطيرة على حركة التقدم في المجتمع، فإحساس الناس أنهم يسيرون على غير هدى و"عالبركة"، يقتل روح المبادرة ويخلق قدرا رهيبا من اللامبالاة التي تفسح المجال نحو الانغلاق على الهويات الصغرى من قبيلة وطائفة وعائلة وغيرها، وينعكس في التركيز على صغائر الأمور وتسيير ما هو موجود وقائم بنفس قصير وعلى مستوى "اليوم بيومه"، مما يجعل أي حديث عن خطط استراتيجية نوعا من الكوميديا السوداء لا أكثر.

إن المشكلة هي في صميم تعامل السلطة في الأساس مع مفهوم الدولة وقيم المواطنة، مما أنتج عندنا وضعا شعبيا يسيطر عليه التركيز على الحقوق ويهمل الواجبات، وتسمو فيه إلى مصاف الحكم الخالدة مقولة:

"اذا كانو يبوقون .. خلنا ناكل معاهم"!

د. سليمان ابراهيم الخضاري

كاتب وأكاديمي كويتي

Twitter: @alkhadhari

No comments: